ألم نفسي لا يستهان به

 

ألم نفسي لا يستهان به - الألم النفسي - التعافي - الصدمة - اضطراب ما بعد الصدمة


سأتحدث اليوم عن تجربة شخصية،قد كانت ولا زالت بين كل الالام ذات التأثير الأكبر في حياتي،سأتحدث عن الألم النفسي ككل وعن الفقد،فكم فقدنا في الحياة من اصحاب وأهل،سواء كان الموت أو الإفتراق لأسباب دنيوية.

وأكبر فقد كان في حياتي في يوم ٥/٢/٢٠١٨ عندما فقدت أخي وصديقي الغالي أحمد مدحت رحمه الله وغفر له كل خطيئاته،فحتي اليوم أكاد لا أصدق ما حدث،فقد كنا زملاء في المدرسة منذ أن كنا صغار،وكبرنا وصرنا اخوة لا نفترق،وكنا قد اعتدنا علي رؤية بعضنا البعض كل يوم في المدرسة وكل يوم بعد المدرسة أيضاً،فكم قضينا من الأوقات الجميلة معاً،حتي توفي في يوم وترك لي الحياة بدون معني وبدون تفسير،لم أتخيل يوماً أن يختفي معني الدنيا في قاموسي الشخصي،رأيتها فارغة ولا معني لها،وكنت أحلم في كل يوم ان كل هذا كان كابوساً وقريبا سأفيق منه،وحلمت في اكثر من مرة أنه كان يمزح معنا ولم يمت حقاً،قضيت الكثير من الوقت وأنا غير مقتنع أنه لن يرجع إلي الحياة مرة أخري،وعندما أدركت أنه لن يقدر أن يعود.إلينا قررت أنا الذهاب إليه.

فكرت كثيرا في الانتحار وكانت الفكرة تقتلني لأنني كنت دائما ما أفكر في أحباببي وأهلي عندما اموت،وكم سأسبب لهم من ألم نفسي،وفي نفس الوقت أنا غير قادر علي التعافي والخروج من هذه الحالة،وكنت أتخيل منظري وأنا ملقي علي الأرض غارقاً في دمائي،وكم ستتأثر أمي بهذا المنظر،ولكن رغم كل هذا لم أقدر علي الإقلاع عن الفكرة،ولكن قمت بتعديلها.

قررت أن أختار طريقة سهلة وبسيطة كي أموت بها بدون دماء،وكنت أعلم أن الإكثار من القهوة يسبب أزمة قلبية قد تسبب الموت (Heart attack ) وأن كثرة الكافيين في الدم يزيد من احتمالية الموت وهو ما يعرف ب(Caffeine overdose) ,فشربت ١٢ كوباً من القهوة،حتي أصبحت عيني ملونة باللون الاحمر،وأصابتني بالخلل فكنت أري الأشياء تهتز كأنني منتشي أو ثمل،والأشياء من حولي إما تمر بسرعة شديدة أو ببطئ شديد.

شعرت بهذا كله وأنا في طريقي لمقابلة صديقي الذي جاء كي يجعلني أرجع عن ما قررته،ولكنِ ذهبت كي أودعه لأنني كنت أخذت قراري ولن أرجع فيه،وأيضاً نسيت أن أذكر أن هذه الليلة كانت ليلة اختبار مادة الجبر وحساب المثلثات (Algebra&Trigonometry) التي بالطبع لم أذاكرها لأنني لم أكن أقرر حضور هذا الاختبار لأنني كنت سأكون في عداد الموتي هذا ما قد خططت له.

بعد كل ما تناولته من قهوة وبعد كل الكافيين الذي ادخرته لم أمت فقمت بالبحث مجدداً لأجد أنني أحتاج ربما أكثر من كل ما أخذته أربع أو خمس مرات،فقررت أن هذه الفكرة لن تفي بالغرض.

أخرجت عبوة مضاد حيوي قوي جداً لا أذكر اسمه ولكنه كان أقوي جرعه،تناولت منه كل ما وجدته،وكنت أقترب أكثر ما يمكن من الموت،كنت أراه ولا أخافه،قررت أن أودع أخي قبل موتي،فلما علم ما فعلت ركض ليوقظ أبي وأمي ليخبرهم بما فعلت،علي الفور قام أبي بتبديل ملابسه وأخذني إلي أقرب مستشفي،وعرضني علي طبيب الطوارئ فقال له لا تخف لن يحدث له أي شئ ولكن اجعله يتقيئ حتي يخرج ما في معدته.

رجعت إلي المنزل وتناولت كل ما يمكنني من افراغ ما في معدتي،وقد فعلت كذلك.

كنت أشعر بضيق لا يوصف،كيف سأبرر لأهلي ما فعلت،كم أنا قد بثثت في قلوبهم الرعب،كيف سأجاوب علي كل الأسئلة التي يمكن أن تسأل؟

ذهبت إلي الاختبار وقد صاحبتني أمي،كما تري في الأفلام عندما يكون المراهق يمر بحالة إكتئاب أو مرض نفسي وتصاحبه أمه إلي الطبيب،أيضا فعلت هذا،وذهبت إرضائاً لها،وقلت في نفسي لن يقدر أحد علي مساعدتي لأنِ قد وصلت إلي أقصي مراحل الإكتئاب التي تغلق عينيك عن كل شئ جميل في الدنيا ولا تري إلا الموت أمامك حل لكل أزمة.

كان الطبيب يدخن السجائر،كما كنت أفعل أنا أيضاً،وكان هذا أول ما قربني له،لأننا كنا ندخن سوياً،وساعدني هذا الشئ بأن قرب المسافات وكأننا جالسون علي مقهي وليس في عيادة طب نفسي،وبدأت بالقول في نفسي لماذا لا تحدثه،فعلي الأقل قد وجدت من يسمع لك وبالصدفة هو طبيب نفسي،فلماذا لا؟

من أول جلسة قال أنت مريض بإكتئاب حاد وكتب لي مضاد اكتئاب ودواء اخر لضبط دورة النوم.

مرت الأيام حتي صرت أنتظر الميعاد الذي سأذهب له فيه،وله فضل كبير في أن أصبحت الان معافي من الإكتئاب،وأقلعت عن كل الدواء وبدأت رحلة علاج جعلتني كشخصي مضاداً للإكتئاب بفضل الله.

(يتبع)

إذا أعجبك هذا المقال أتمني أن تشترك في قناتي علي اليوتيوب وسأتحدث عن أشياء ستهمك وبإذن الله ستكون ممتعة بالنسبة لك وفي انتظار رأيك في التعليقات
قناة اليوتيوب

مقدم من موقع خطر علي بالي


Ads go here

Comments

Contact Form

Send