أفعل لأنهم يفعلون
ربما شاهدت من قبل إعلان علي التلفاز يقول لك أن معجون الأسنان هذا ينصح به 99% من الأطباء,ما السر وراء هذا الشئ؟
وربما أيضاً لاحظت أن اختيارات البشر تكون في أغلب الأحيان متشابهة حد التطابق برغم أن هؤلاء البشر يختلفون كلياً في تكوينهم الشخصي.
هذه الظاهرة تعرف بضغط الأقران (Peer Pressure) ويعرف أيضا بالضغط الإجتماعي,حيث يتأثر الأشخاص بقرارات وسلوكيات وأيضا اختيارات أقرانهم بشكل غير واعي ووتم هذه العملية علي الأفراد بشكل دائم.
وهذا يجعلنا نذهب إلي سؤال مهم وهو من هم الأقران؟
القرين، هو الشخص الذي ينتمي لذات المجموعة الاجتماعية والفئة العمرية والمستوى الاقتصادي والثقافي، الذين تتشارك معهم في الكثير من السمات والاهتمامات والمصالح، وقد تتوافر بينكم بعض الأشياء المشتركة أو جميعها، حيث يميل معظم الأشخاص لقضاء معظم أوقاتهم مع أقرانهم لاسيما الأطفال والمراهقين والشباب.
(كما تعرفون أنِ دائما ما لا أميل إلي أن أكتب مقالات أكاديمية وأنشر الأبحاث والمصادر والدراسات ولكن إذا أعجبك الموضوع وقررت التعمق فيه فأنصحك أن تقرأه بشكل أكاديمي)
في العادة نحن نتيجة ما يحاوطنا من مؤثرات,وكلنا يعرف أننا نتأثر بمن حولنا ونؤثر فيهم,ولكن ما الذي يدفعنا أن نتبني عادات وسلوكيات بدون أن نكون مقتنعين بها؟
هناك سببين:
السبب الأول أننا كنا في الماضي في العصور البدائية يحاوطنا الكثير من المخاطر والمصاعب,فكان الفرد دائما يميل إلي السير مع المجموعة ولا يسير وحده لأنه مثلاً يمكن أن يمشي في طريق وحده ويفاجئ بحيوان مفترس ينهي حياته,فكان دائما ما يفضل السير مع المجموعة ورغم أننا أصبحنا في زمن أكثر أمناً ولكن هذا الشئ صار متأصلاً فينا إلي اليوم.
والسبب الثاني هو أننا دائما ما نميل إلي أن نكون مقبولين اجتماعياً وهذا يدفعنا إلي عمل وتبني أشياء لا نمط لها بصِلة.
إذا قرأت أكثر في هذا الشئ ستجد أن هناك آثار إيجابية لهذه الظاهرة,ولكن أنا هنا اليوم كي أتكلم عن آثاره السلبية التي دمرت حياة الكثير من البشر دون حتي أن يلحظوا هذا.
نحن كبشر مختلفون في كثير من الصفات وكلٌ له حياته التي ربما لن يفهمها إلا هو,وقراراته هي بناءاً علي ما يمر به في حياته ونشأته,وليس المطلوب أن نسير جميعاً في نفس السياق ونفس المسار ونصل إلي نفس النتائج,بالطبع ليس هذا هو المطلوب وإلا سنصبح كلنا نفس النسخة ولن يفيدنا هذا,وإختلافنا هو أحد أسباب تواجدنا إلي اليوم,وهذا أول شئ عليك التركيز عليه وعدم نسيانه "كلٌ منا له حياته,ليس المطلوب أن نصل إلي نفس النتائج"
القيم والمعايير (Values&Metrics) هي أهم ما يميز حياتنا,فلا شئ يبدو منطقي بدون القيم والمعايير الخاصة لكل شخص منا,فمثلاً النجاح بالنسبة لي مختلف عن بالنسبة لك ومختلف بالنسبة لاي شخص اخر,وكذلك السعادة والحزن,فكلٌ له تعريفه الخاص للحياة وله وجهة نظر مختلفة في الأشياء,وعليك وضع معاييرك الخاصة في كل شئ لأنك إذا تجاهلت هذا الشئ ستضطر للعيش بمعايير ناس اخرين,وماذا يحدث عندها؟ ببساطة لن تكون سعيد.
سأضرب لك مثال أخر حتي تتخيلها أكثر.
أنا في كلية التجارة,ومعظم زملائي يريدون أن يصبحوا محاسبين ويعملون في بنك,هذا هو النجاح بالنسبة لهم,فلو لم يكن لي التعريف الخاص بي للنجاح لفكرت مثلهم وتبنيت حلمهم بشكل غير واعي,وكنت سأصير بالنسبة لهم ناجح ولكن بالنسبة لي ولا شئ لأنِ أحب إدارة الأعمال.
هل فهمت ما أحاول قوله؟
^أيضا تجاهلك لهذه الظاهرة سيجعلك فريسة لأي شخص أو منظمة تريد إعادة توجيهك ناحية أي شئ وبما أنك قد فهمت ما هو ضغط الأقران أو الضغط الإجتماعي فانت الآن تعلم كيف سيفعلوا ذلك.
واخيراً سأختم بهذاالحديث, روي من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً ، تَقُولُونَ : إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا ، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا ، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا) رواه الترمذي (2007)
أرجو أن تكونوا استمتعتوا بالقراءة وأنا دائما في انتظار تعليقاتكم.
وأسأل الله التوفيق لكم ولي في الدنيا والاخرة.
إذا أعجبك هذا المقال أتمني أن تشترك في قناتي علي اليوتيوب وسأتحدث عن أشياء ستهمك وبإذن الله ستكون ممتعة بالنسبة لك وفي انتظار رأيك في التعليقات
قناة اليوتيوب
مقدم من موقع خطر علي بالي
Comments