ليس من طبعي الشكوي الدائمة, ولكن عندما امتلأ ذهني في مرة بالأفكار شرعت في الحديث مع أعز صديق لي, فقال لي أبسط شئ يمكن أن يقوله شخص في هذا الموقف, قال لي لما لم تفكر في كتابة مما تعاني أكثر المعاناة؟

علي الرغم من أنني أكتب المذكرات لمدة ثلاث سنين بشكل متواصل الآن, وبرغم أن الكتابة هي أكثر شئ أفعله وأول طريقة بالنسبة لي كي أداوي جروحي وأعبر عن معاناتي, إلا أن هذه الجملة جعلتني أفكر كثيراً, فسألت نفسي هذا السؤال مرة أخري ولكن في المكان المناسب؛ مذكرتي.

 هناك نظرية أو فرضية تسمي بال80-20, وبإختصار هي تفترض أن مثلاً 80% من إنجازاتك تأتي من 20% من الأشياء التي تفعلها, أو أن 80% من مبيعاتك تأتي من 20% من منتجاتك, وكذلك 80% من معاناتك تأتي من 20% من مشكلاتك.

كلنا عنده عشرات بل مئات المشكلات ومسببات الهموم والقلق والتوتر, ولكن 20% منهم يشكلون 80% من معاناتك, وهذا حقيقي حتي  إذا لم إستطع إثباته بدليل قاطعٍ, ولكن يغلب علي ظني أنه صحيح

بدون مثال, لا يستطيع أحد فهم إلا القليل, لذلك دعنا نضرب مثالاً الآن:

*سنفترض أنك لا تملك وظيفة, الآن هذه مشكلة ولكنها ليست مشكلة منفصلة, لأنك دون وظيفة علي الأغلب لا تمتلك مصدراً للدخل, وبدون امتلاكك مصدر للدخل لا تستطيع تلبية رغباتك أو حتي إحتياجاتك, وهذه ليست المشكلة الوحيدة لأنك أيضاً ستمتلك الكثير من أوقات الفراغ والذي بدوره سيجعلك تفكر في كل شئ سلبي وتتذكر ذكريات مؤلمة لم تكن للتذكرها لو كان عندك ما يشغلك, أيضاً ربما تشعر أنك تشكل عبئاً علي المجتمع أو حتي علي نفسك لأنك لا تقدم شئ قيم إلي العالم, ويمكنني الإستمرار كذلك إلي ما لا نهاية.

حتي لا تشعر أنك فقدت تركيزك, نحن بإختصار نتحدث عن أن هناك مشكلات تسبب بدورها مشكلات فلا تعد مشكلات مستقلة أو منفصلة.

الآن ما عليك فعله هو أن تكتب علي ورقة خمسة من هذه المشكلات المتسببة في مشكلات أخري, وتشرح بإيجاز أو بإطناب كيف تؤثر عليك تلك المشكلات سلباً, وماذا عليك أن تفعل حتي تتغلب علي هذه المشكلات.

إذا انتهيت من كتابة هذه المشكلات, فحتي لو لم تفعل شيئاً تجاهها فأنت قد قمت بتحديد ما تعاني منه بالضبط ولماذا, وهذا في حد ذاته مكسب لا يمكن الإستهانة به.

ولكن نحن لم نفعل كل ذلك حتي يبقي الوضع كما هو عليه في النهاية, ولكن ما نأمله أن تستطيع التغلب علي أول أو ثاني هذه المشكلات كبداية, فإذا رجعنا إلي المثال الذي ذكرناه سنقول أن أول ما عليك فعله هو إيجاد وظيفة لسد هذه الفجوة في الوقت والمال.

وتذكر أن هذه المشكلات الخمس التي قمنا بكتابتها هي ليست كل مشكلاتك, هي أكثر ما تعاني منه, فبمجرد التغلب علي واحدة من هؤلاء الخمسة ستكون قد حققت إنجازاً لا يقدر بثمن ويستطيع هذا الإنجاز بدون مبالغة إحداث تغيير جذري في حياتك.

لا تبخل علي نفسك بهذا الوقت والجهد المبذول حتي تتغلب علي مشكلاتك, لأنك ستكون الخاسر الوحيد في هذه الحالة.

وأسأل الله التوفيق لكم ولي في الدنيا والآخرة

إذا أعجبك هذا المقال ألقي نظرة علي المدونة و قناة اليوتيوب