ما يملكه الأغنياء فقط

 
ما هو الشئ الذي يملكه الأغنياء فقط


تحدثنا من قبل عن ماهية الفقر, وقلنا أن الفقر هو العوز والإحتياج؛ أي أنه لا يكون المرء فقيراً حتي لو كان نصيبه من الحياة كسرة خبز مادام لا يشعر بالعوز والإحتياج.


وقد نري وبكل سهولة أنه في الحياة من يملك وظيفة, ومال, وعائلة, وأكثر من ذلك لكنه يشعر بالعوز المستمر, يكاد لا ينام من فرط الفكير في ما لا يملكه وهو عند غيره, ناسياً أو متناسياً ما عنده من نعم لا يستطيع إحصائها, فأصبح بشعوره فقيراً حيث كان يحتاج بإستمرار إلي ما لا يملكه.


قد يري البعض أنِ أتحدث عن مثالية أو يوتوبيا وأن نصبح كلنا زاهدين في الحياة غير راغبين فيما عليها من متاع, ولكن هذا ليس صحيحاً, هي عبارة عن بعض الإستنتاجات المتراكمة.


قال الأديب الرافعي رحمه الله: إن الله تعالى أخذ اللذات من أفواه الأغنياء ووضعها في عيون الفقراء, أي أن الغني يألف النعمة فتصبح بلا لذة, ولكن الفقير يراه منعماً ويتمني لو كان له مثله, ولا يخفي عليكم أننا لغيرنا أغنياء, وغيرنا لغيرهم أغنياء أيضاً, فالغني والفقر أمر نسبي, أما الشئ الوحيد الذي يجعلك غنياً حق الغني؛ هو شكر النعمة.


في رأيِ أن شكر النعمة هو الشئ الوحيد الذي يجعلك غني, لأننا قد مررنا علي بعض الإستنتاجات الرائعة في هذا المقال, علمنا أن الإنسان إذا لم يشكر النعمة ألفها وأصبحت دون لذة, بل يطمح لأكثر منها وربما حتي يبغضها لقلتها, وأن هناك من هو غني بمعايير البشر ولكن لشعوره بالإحتياج المستمر هو في قمة الفقر, أما شكر النعمة يتعلق بأهم ما وجد في الإنسان؛ الوعي.


الوعي في تعريفي الخاص هو: معرفة مستمرة, فكلنا يعرف أن "المال ليس كل شئ" كمعلومة, ولكن الوعي بهذه الجملة أن تعلم ذلك علم اليقين في كل ثانية, فتظهر هذه المعرفة المستمرة في سلوكك وحياتك كلها, ولكن ما علاقة الوعي بالنعم؟


شكر النعمة يزيدك وعياً بكل ما تملكه من نعم, يساعدك علي إحصاء بعضٍ منها والتفكر في شكل الحياة إذا لم تكن مالكاً لها,عندما تغلق عينيك لتقول: يارب, الحمدلله علي نعمة البصر, والحمدلله علي نعمة السمع, والحمدلله علي نعمة الأهل, والحمدلله علي نعمة الوطن, والحمدلله علي نعمة المأوي, والحمدلله علي نعمة حسن السيرة, تجلس لتعد بعضاً مما من الله به عليك, فتتذكر كم أنت غني, وكم أنت منعم, وتصبح واعياً بالنعم التي كنت غافلاً عنها, فترجع لتشعر بلذتها, وتذكر نفسك في كل مرة أن مهما كانت هذه النعمة بسيطة فهناك من تتحول حياته إلي عذابٍ لغيابها, كالقدرة علي قضاء حاجتك بنفسك وبدون ألم, أو أن تمشي علي كلا قدميك.


اشكر ربك فشكر النعمةِ نعمةٌ خيراً منها.


وأسأل الله لكم ولي التوفيق في الدنيا والآخرة

إذا أعجبك هذا المقال تابعني علي منصة رقيم



Ads go here

Comments

Contact Form

Send