توقفت عن عد المحاولات, لكن لم أتوقف عن المحاولة.

 

تخلي عن الإدمان والعادات السيئة


إذا اتفقنا علي أن الإدمان مرض وليس سلوك, أو علي أقل تقدير سلوك مرضي, فيسعني القول بأنِ مريض بإدمان السجائر.


لعلك تعجب من فجاجة التعبير, ولكن هل يُفيد إخفاء الحقيقة أو محاولة تزيينها زيفاً؟


الهروب من الحقيقة يعرقل عملية التعافي, فالإعتراف بالحقِ فضيلة, وكما يقولون أن التشخيص السليم هو نصف العلاج.


يمكنك أن تُلقي الأحكام السطحية عليَ بسبب إدماني هذا, يُمكنك أيضاً أن تُضيف: "كيف تكتبُ لنا عن التنمية الذاتية وأنت مُدمنٌ علي شئٍ يضر بصحتك, ويسرق عمرك, ويستنفذ مالك؟"


ويمكنك أيضاً أن تحاول فهم ما أمر به من "عادةٍ مرضية", فأنا لست هنا اليوم لأتحدث عن إدمان السجائر, بل عن الإدمانِ ذاته.



ما لا يلاحظه معظم الناس أن الإدمان في جوهره ثابت, وأعراض الإدمان تكاد تكون ثابتة, حتي أن سلوك المدمن وأفكاره أقرب إلي التطابق.

لذلك ستجد مثلاً أن كتاب "زمالة المدمنين المجهولين" يتحدث بشكل كلي عن الإدمان دون التطرق لأنواع المخدرات؛ فقد تععدت أنواعها والإدمان واحد.


تستطيع القول بأن إدمان السجائر, المخدرات, الأفلام الإباحية, التسوق, إدمان مشاهدة التلفاز, إدمان الإفراط في تناول الطعام, إدمان القهوة, وأية أنواع أخري من الإدمان في جوهرها لا تختلف كثيراً عن بعضها إن لم تكن متطابقة.

 وهنا تحدث النقلة النوعية في المقال حيث ننتقل من دور المذنب الذي يقضي في أمره القارئ إلي شركاءٍ في جرائم ارتكبناها في حق أنفسنا.



هل شعرت بالخجل من حقيقة أنك مُدمنٌ علي شئ حتي إن لم أذكره في الأمثلة السابقة؟ لا عليك عزيزي القارئ فهذا حالنا جميعاً, كلٌ منا لديه أسبابه الخاصة, أو سياقٌ مختلف من الأحداث جعله يصل إلي هذه النتيجة.


في الحقيقة؛ السبب وراء إدمانك علي أي شئ غير مهم, ما يهم فعلاً هو ماذا فعلت حتي تتحرر من أصفاد إدمانك؟

يُسعدني أن أبلغك أنِ قد حاولت الإنقطاع عن التدخين مئات المرات, وعلي عكس ما تظن أن هذا شئ يدعو إلي اليأسِ أو الخزي, يُسعدني أيضاً أن أبلغك أنني في قمة الشعور بالفخر والتفاؤل عند قولي لهذه العبارة.


وسأسمح لك بسؤالي عن سبب شعوري بالفخر بعد أن تسمح لي بسؤالٍ آخر.



في هذا المثال أنت مُستثمر بالمشاريع الصغيرة, والتي معلومٌ أنها علي الأغلب تفشل في السنين الثلاثة الأولي, وجاء اثنانِ من رواد الأعمال كي يعرضوا مشاريعهم وأنفسهم:


زعم الأول أنه لن يفشل لأنه لم يفشل قط, وأنه سينجح في محاولته الأولي وسيحقق نجاحات باهرة.



أما الثاني فقال: "لقد فشلتُ مراراً وتكراراً في مشاريعي السابقة, وتعلمتُ درساً في كل محاولة فاشلة, وأنوي تجنب كل ما سبق من أخطاء حتي أنجح هذه المرة.



أيهم ستختار؟ من كان يحاول علي الدوام ويفشل؟ أم من لم يفشل لأنه لم يحاول؟


فهذا أول سبب لشعوري بالفخر؛ ففي كل مرة حاولت فيها الإقلاع عن التدخين تعلمتُ فيها درساً سيجعلني أقرب إلي بلوغ وجهتي وهدفي.



وأما الثاني فهو أنِ لم أستسلم قط, لم أفقد عزيمتي وإرادتي في الإقلاع عن التدخين, لم أستسلم للسجائر, فالإستسلام هو التوقف عن المحاولة, وهو الشئ الذي لم ولن أفعله بإذن الله.



أصبح معظم المدخنين يسخرون من محاولات الإقلاع لكثرةِ ما حاولوا ولم ينجحوا, ولكنني هنا أسُجل اليوم الأول دون تدخين, وأسألُ الله تعالي أن يوفقني وإياكم في رحلة التعافي والتحرر من جميع العادات السيئة.


أنس شرقاوي

Ads go here

Comments

Contact Form

Send